كتاب «مقدمة لدراسة الاستعمار في إيران» للدكتور موسى نجفي يرسم أساساً لظهور مجال جديد، يميّز بين الاستعمار الكلاسيكي والحديث في التاريخ الإيراني من قاجار حتى اليوم، موضحاً تحوّل الهيمنة من السياسية إلى الثقافية الخفية. يجمع نجفي بين المنظور التاريخي والفلسفي والحضاري، داعياً لجعل دراسات الاستعمار علماً فكرياً محلياً يحدّد مسار الفكر الإيراني المستقل في العصر الحديث.
من «اليقظة إلى الازدهار»
يرى نجفي أنّ الصحوة الإسلامية بدأت بردٍّ عسكري، ثم تطوّرت إلى عمل سياسي، وبلغت التحوّل الحضاري الثقافي، وأنّ الثورة الإسلامية في إيران تقود صراعاً حضارياً عالمياً، إذ قدّمت خطاباً مستقلاً عن العدوان والاحتلال.
الكتاب يتجاوز الطرح التاريخي ليؤسس تقليداً فكرياً جديداً ينبع من حاجة إيران للوعي الحضاري، مشيراً لمكانة الثورة الإسلامية كمصدر لنمو الصحوة والمقاومة، محذّراً من الفصل بينهما كاقتلاع الجذور من الشجرة.
من شرح الاستعمار إلى إحياء الوعي العام
يبيّن نجفي ترابط المقاومة بالثورة، والثورة بالصحوة؛ فالمقاومة تُستمدّ من الثورة، والثورة من الصحوة، وأيّ انفصال بينها يضعفهما. في هذا الإطار، يُعدّ الاستعمار مؤشراً لقياس هذا الترابط؛ فإهماله يعكس ضعف الروح الثورية والمقاومة.
هكذا يصبح الكتاب بياناً فكرياً لإحياء الوعي الحضاري الإيراني، حيث يُظهر كيف وظّفت الثورة الإسلامية عقلانيتها وأخلاقها واعتدالها لتطلق مقاومة ثقافية وفكرية عميقة، وهي البذرة لعلمٍ محليٍّ لدراسة الاستعمار وتجديد خطاب الاستقلال الفكري الإيراني.